رساله الي كل نوبي

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الأوضاع الحالية لأهالينا النوبيين، كما جميعا نعرفها كانوبيين، جعلتني أشعر بأهمية الدفاع عن الحقوق الشرعية التي تجاهلتها أنظمة الحكم المتعاقبة في مصر منذ عام بناء خزان أسوان (1902)، إلى عام بناء السد العالي (1964)، وحتى اليوم. فخلال الفترة من 1902 إلى 1964 قدم النوبيون أعظم تضحية يمكن أن يقدمها مواطنون مصريون لبلادهم. حيث تركوا الأرض والبيوت في أكثر من 45 قرية في عملية تهجير منظمة حتى يتم وقف طوفان النيل عن مصر، وحتى نتمكن من تنظيم الزراعة بالري الدائم ومن إنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة السد العالي، ليعم الخير على مصر والمصريين..
لقد تجاهلت الحكومات المصرية المتعاقبة تضحيات النوبيين وحاولت مسح كل أثر لها، ولهم، في مؤامرة غريبة. أولا، غيرت اسم بحيرة النوبة لتطلق عليها اسم بحيرة ناصر. وبعدها عادت وأطلقت عليها اسم بحيرة السد العالي! وقد كانت هذه أول عملية تغيير في خريطة تاريخ النوبيين. ولم يكتف النظام بهذا القدر من الإستهانة بتاريخ النوبيين وثقافتهم الخاصة, بل أجبر العائلات النوبية على الهجرة لمنطقة تسمى العتامي وادي الجن بجوار كوم امبو وهي منطقة رخوة وغير صالحة وبعيدة عن النيل الذي عاشوا على ضفافه على مر التاريخ. لقد أجبر النظام أهالي النوبة على الهجرة الى منطقة صحراوية, رملية, أرضها لا تصلح للبناء فوقها, حتى أن البيوت التي أقيمت عليها أصابتها الشروخ ونشع المياه بعد أشهر قليلة من بناءها.
وفي مهزلة أخرى، اتفقت الدولة مع هيئة الإغذية والزراعة "الفاو" مع بداية مشروع السد، على إعادة توطين النوبيين حول البحيرة بعد إستقرار المنسوب خلف السد. ثم أتت مؤخرا وأعدت ميزانية مقدارها مليار و300 مليون دولار أعلنها يوسف والي بمجلس الشعب في نهاية جلسات دورة 2004. ولكن إعداد الميزانية لا يعني أبداً البدء بتنفيذ المشروع! فجشع الحكومة، ونكرانها لتضحيات أهالي النوبة، أدى لنهب الميزانية. ثم أتت الدولة في شهر يونية 2004 وعرضت بيع الأراضي التي كان مقرا توزيعها على النوبيين بالمزاد العلني. هنا اعلن نفر من النوبيين اعتراضهم، وعلمت هيئة الفاو، وحضر رجالها وإستردوا مبلغ الميزانية، وأعلنت الهيئة إشرافها على بناء موطن النوبيين حول البحيرة. ولكن محافظ أسوان مارس لعبة الإخفاء عن أبناء النوبة. حيث أتى بمواطنين من كفر الشيخ وباقي محافظات الدلتا ليستولوا على أول قرية نوبية بمنطقة جرف حسين النوبية، وليسموها قرية "بشاير الخير". هذه برأينا جريمة توطين الغير على ممتلكات أصحاب الحق. قد يقال أن النوبيين تم تعويضهم عن أراضيهم. ولكن أين هي تلك التعويضات؟ فالحقيقة أن نصف التعويضات المقدرة عام 1964 لم تصرف حتى الآن!!
إن ممارسات النظام المصري ضد أهالي النوبة، ونهبه المستمر والمتواصل لحقوقهم، هو جريمة في حق الشعب المصري كله. ولن ندع النظام يمر بدون محاسبة، .
مطالبنا ومطالب أهالينا النوبيين
1- إعطاء النوبيين حقهم من التعويضات كاملا، وإعادة تقييم التعويضات الهزيلة التي صرفت للمهجرين في عام 1936، ولكنها وقدّرت بأسعار عام 1902! ويكفي أن نعلم أن قيمة النخلة، وهي المحصول الرئيسي للنوبيين، قدرت بـ10 قروش! قس على ذلك بقية التعويضات, ففي الوقت الذي قُدّر فيه فدان الأرض الزراعية لعمر طوسون بـ50 جنيه, قدر للنوبيين بـ50 قرش، وقد أثار هذا استجوابات في مجلس النواب عام 1933.
2- إعفاء النوبيين من المصروفات المدرسية والجامعية، وهم أبناء وأحفاد من ضحوا بالأرض والبيت والزاد ومصادر الرزق دون مقابل يذكر.
3- تخصيص جميع الأراضي حول بحيرة السد، وهي الأراضي المستقرة شاطئيا وحولها، بدون مقابل للنوبيين الذين كانوا يقيمون فيها قبل بناء السد.
4- إعطاء الحرية الكاملة للنوبيين في الإنتقال لتلك الأراضي بعد تحويلها لمناطق حضرية وعمرانية وبعد توفير كل المرافق والخدمات الأساسية.
5- تحويل منطقة التهجير الحالية (نصر النوبة) الى منطقة عمرانية بما لها من مميزات.
6- تشغيل الشباب النوبي العاطل عن العمل في مشروعات إنتاجية. حيث لا ذنب لهذا الشباب في عدم حصوله على تعويض عادل عما أغرقته مياه بحيرة السد ونهب الباقي منه حيتان الفساد في الحكومة.
7- حل مشكلة مساكن النوبيين وتهيئتها لتصبح مساكن أسرة كسابق عهدهم بها وليس مجرد شقة في عمارة سكنية.
8- إقامة دار نشر للأدباء والشعراء النوبيين, وما أكثرهم.
9- الإهتمام بالتراث النوبي المعرّض للزوال بحكم التهجير. فهو بمثابة ذاكرة للأجيال الجديدة.